الصحة الرقمية في اليمن

الصحة الرقمية في اليمن
دور أنظمة المعلومات الصحية الإلكترونية في دعم اتخاذ القرار في مستشفيات صنعاء – قراءة تحليلية في مقترح
تسارع التحول الرقمي في قطاع الصحة حول العالم لم يعد مجرد خيار تقني، بل أصبح ضرورة استراتيجية لتحسين جودة الخدمات الطبية، وتعزيز كفاءة الموارد، ودعم القرارات الحيوية في المستشفيات. 
وفي سياق شديد التعقيد مثل اليمن، تبرز أهمية هذا التحول الرقمي بصورة أكبر بسبب هشاشة البنية الصحية، ونقص الموارد، وتداعيات الصراع المستمر.

هذه المقالة تستعرض أهم ما جاء في مقترح بحث أكاديمي حديث بعنوان:
"دور أنظمة المعلومات الصحية الإلكترونية في دعم اتخاذ القرار في مستشفيات صنعاء – 2025"
وهو بحث مقدم ضمن متطلبات زمالة البورد العربي في طب المجتمع، يهدف إلى تقييم فعالية الأنظمة الرقمية الصحية (EHIS) في بيئة تُعد من أصعب البيئات الصحية عالميًا.

لماذا هذا البحث مهم؟

المقترح يبدأ بوضع أنظمة المعلومات الصحية الإلكترونية ضمن إطارها العالمي، حيث أثبتت الدراسات في دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا أن السجلات الصحية الإلكترونية رفعت كفاءة العمل الطبي، وساعدت في تقليل الأخطاء وتحسين القرارات.
لكن الوضع يختلف جذريًا في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل:
  • بنية تحتية ضعيفة
  • تطبيقات مجزّأة وغير مترابطة
  • نقص مهارات رقمية للكادر الصحي
  • مقاومة التغيير
  • غياب معايير موحدة
  • اعتماد على مشاريع ممولة خارجياً وغير مستدامة
اليمن تمثل نموذجًا بالغ التعقيد:
وفقًا لتقارير 2024، فقط 51% من المرافق الصحية تعمل بكامل طاقتها، بينما 46% تعمل جزئياً. وعلى الرغم من ذلك، بدأ إدخال أنظمة معلومات صحية إلكترونية في بعض المستشفيات، لكن دون أي تقييم علمي منهجي لمدى فعاليتها.
هنا تظهر الفجوة المعرفية التي يحاول البحث سدّها.

المشكلة التي يعالجها البحث

رغم البدء بتطبيق أنظمة معلومات صحية إلكترونية في مستشفيات بصنعاء، لا يوجد تقييم علمي واضح يجيب عن أسئلة مهمة مثل:
  • هل هذه الأنظمة فعلاً تساعد الأطباء والإداريين في اتخاذ قرارات أفضل؟
  • ما مدى جودتها؟
  • ما التحديات التي تواجهها؟
  • وما العوامل التي تدعم نجاحها؟
بدون إجابة على هذه الأسئلة، يصبح من الصعب تطوير هذه الأنظمة أو التوسع فيها بشكل صحيح.

هدف الدراسة

الهدف الرئيس هو تقييم مدى قدرة أنظمة المعلومات الصحية الإلكترونية على دعم القرارات السريرية والإدارية والتنظيمية في المستشفيات العامة والخاصة بصنعاء.

الأهداف التفصيلية تشمل:

  • قياس جودة مكونات النظام (أجهزة – برامج – شبكات).
  • تقييم العوامل التي تؤثر على نجاحه (سهولة الاستخدام – التدريب – الدعم الفني).
  • قياس دوره الفعلي في تحسين القرارات.
  • تحديد التحديات والعوائق العملية.
  • مقارنة النتائج بين مستشفى حكومي وآخر خاص.

عينة الدراسة وطريقة تنفيذها

تنفذ الدراسة على مستخدمي الأنظمة الإلكترونية فعليًا في مستشفيين يمثلان القطاعين العام والخاص:
  • مستشفى 48 النموذجي – ممثل القطاع الحكومي
  • مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا – ممثل القطاع الخاص
من أصل 1184 مستخدمًا لهذه الأنظمة، سيتم اختيار 333 مشاركًا بطريقة العينة العشوائية الطبقية لضمان تمثيل جميع الفئات:
أطباء – ممرضون – إداريون – مشرفون.

أداة جمع البيانات الأساسية هي استبيان شامل مبني على نماذج عالمية مثل:

  • نموذج نجاح نظم المعلومات (IS Success Model)
  • إطار الملاءمة بين الإنسان والتنظيم والتكنولوجيا (HOT-fit)

طريقة التحليل

سيتم تحليل البيانات باستخدام:
  • إحصاءات وصفية (متوسطات – نسب – توزيعات).
  • تحليلات استدلالية لاختبار العلاقات مثل:
    • تأثير جودة النظام على الاستخدام.
    • ارتباط التدريب برضا المستخدمين.
    • تأثير استخدام النظام على جودة القرارات.
أما الأسئلة المفتوحة فسيتم تحليلها كيفيًا لاستخلاص الأنماط والموضوعات الرئيسة.

النتائج المتوقعة

يتوقع الباحث الوصول إلى نتائج مثل:
  • الأنظمة تعمل بشكل مقبول عمومًا مع تفاوت بين القطاعين.
  • جودة النظام وسهولة استخدامه ترتبط مباشرة بمستوى الرضا والاستخدام الفعلي.
  • الاستخدام الجيد يؤدي لتحسين القرارات السريرية والإدارية.
  • استمرار وجود تحديات تقنية وبنية تحتية ونقص تدريب.
  • اختلافات بين المستشفيات العامة والخاصة من ناحية الأداء والدعم الفني.

الجوانب الأخلاقية

يشدد المقترح على:
  • الحصول على موافقة أخلاقية رسمية.
  • سرية البيانات وعدم الكشف عن هوية المشاركين.
  • المشاركة الطوعية والانانسحاب في أي وقت.
  • حماية البيانات ومنع الوصول غير المصرح به.

أهمية الدراسة لليمن والمنطقة

تبرز أهمية البحث في عدة نقاط:
  • يدعم توجهات التحول الرقمي وفق الاستراتيجية الصحية الوطنية.
  • يقدم دليلًا علميًا عمليًا يمكن لصناع القرار الاعتماد عليه لتحسين الأنظمة الرقمية.
  • يساعد على تحديد أولويات الاستثمار في بيئة تعاني نقصًا شديدًا في الموارد.
  • يضيف معرفة عالمية حول تطبيق الأنظمة الرقمية في البيئات الهشة والمتأثرة بالصراع.
  • يقدم نموذجًا يمكن لدول أخرى ذات ظروف مشابهة الاستفادة منه.

خلاصة

يمثل هذا المقترح خطوة علمية مهمة نحو فهم الدور الحقيقي لأنظمة المعلومات الصحية الإلكترونية في بيئة تتحدى كل الإمكانات.
فالتحول الرقمي في الصحة لم يعد رفاهية في اليمن بل ضرورة استراتيجية لتحسين ما يمكن تحسينه وسط ظروف معقدة.
والبحث يقدم خريطة طريق لفهم كيفية استخدام هذه الأنظمة، وما نقاط القوة، وأين تكمن الفجوات، وكيف يمكن تطويرها بصورة عملية وفعالة.


Popular posts from this blog

الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي